وثائق تثبت دعم منظمة أمريكية لأحزاب سياسية تركية وتمويلها للقضايا الداخلية الحرجة
مراجعة استقصائية لوثائق مالية تخص هيئة تابعة للحكومة الأميركية كانت قد اتهمت في السابق بتمويلات سياسية غير مصرح بها وبإثارة القلاقل الاجتماعية في عدة دول.
أجرت الجزيرة نت مراجعة استقصائية لوثائق مالية تخص هيئة تابعة للحكومة الأميركية كانت قد اتهمت في السابق بتمويلات سياسية غير مصرح بها وبإثارة القلاقل الاجتماعية في عدة دول.
وكشفت الوثائق أن تلك المنظمة تقدم تمويلاً سياسيًا غير معلن لمنظمات محلية وأميركية تعمل داخل تركيا، منها تمويل قدم في عامي 2020 و2021 لتكوين “شبكة من عناصر التغيير” في تركيا التي تشهد انتخابات العام القادم.
وأظهرت مراجعة وثيقتين لمنظمة “الوقف القومي للديمقراطية” (National Endowment for Democracy) المعروفة اختصارا باسم “نيد” (NED) -وهي إحدى منظمات التمويل السياسي الخارجي الأميركي وتعمل من واشنطن- أنها قدمت منحًا وتمويلات بلغت مليونين و600 ألف دولار في عام 2021 لنشطاء سياسيين أتراك ذهبت في شكل منح لتمويل لأنشطة سياسية واجتماعية داخل تركيا.
وتراوحت قيمة المنحة التمويلية منها بين 40 ألفا و720 ألف دولار للمنظمة الواحدة، وتم تقديم تلك المنح والتمويلات لـ9 منظمات تعمل في تركيا في قضايا وشؤون سياسية على الرغم من سعي الحكومة التركية لمنع ذلك النوع من التمويل الأجنبي السياسي غير المعلن.
كما كشفت المراجعة أن التمويل الذي لم يفصح عنه للمنظمات السياسية المحلية في عام 2020 كان يزيد على 2.5 مليون دولار.
وتعمد الوثيقة إلى إخفاء أسماء المنظمات التركية المحلية في ما يبدو أنه للحفاظ على أمن تلك المنظمات من احتمال تعقب الحكومة التركية للتمويل غير المشروع.
تمويل “قضايا حرجة” في تركيا
▪️ وتظهر إحدى الوثائق محاولات للتدخل في السياسات الداخلية التركية عبر دعم أحزاب سياسية للتأثير في الإجراءات التشريعية.
ووفق الوثيقة التي أجملت نهاية الأعمال للوقف لعام 2021، فقد قدمت المنظمة مبلغ 147 ألف دولار لتمويل منظمة “غير معلنة” من أجل “الإصلاحات البنيوية في المؤسسات الرئيسية وفي التشريعات في تركيا.
وقالت الوثيقة إن المنحة كانت من أجل “تعزيز سيادة القانون وتشجيع الحكم الرشيد والمساءلة من خلال الدعوة إلى إجراء إصلاحات هيكلية في المؤسسات والتشريعات الرئيسية”.
وأضافت “ستركز المنظمة بشكل خاص على الإصلاحات المتعلقة بالرقابة التشريعية، والسلطة التنفيذية، وقانون الأحزاب السياسية، والقانون الانتخابي، وعملية وضع الدستور”.
وقالت “سيعقد المستفيد من المنحة سلسلة من ورش العمل والفعاليات العامة وينشر التقارير ويقود جهود الدعوة التي تشمل حملة إعلامية وتوعية أصحاب المصلحة المستهدفين”.
▪️ وفي منحة أخرى قدمت المنظمة مبلغ 290 ألفا و800 دولار لمنظمة تركية -لم تسمها- معنية “بالدفاع عن الإعلام المستقل”، وذكرت أن الأموال استخدمت جزئيًا في إنشاء منصة على الإنترنت تخدم الصحفيين والمواطنين المعنيين “من أجل دعم ومناقشة الإعلام المستقل والتحديات التي تواجه الصحفيين وحرية الصحافة في تركيا”.
▪️ وأشارت الوثيقة إلى تمويل ثالث بمبلغ 40 ألف دولار لمنظمة تركية تعمل من أجل “دعم حرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات”.
وبحسب الوثيقة، “سيقوم المستفيد من المنحة بإجراء الدعوة المستهدفة بالتعاون مع المنظمات ذات التفكير المماثل ومشاركة نتائج الرصد الخاصة به مع منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية”، وقالت الوثيقة إن المنحة ترمي إلى “تعزيز حرية التجمع والدفاع عنها في جميع المناطق السبع في تركيا”.
▪️ فيما ذهبت منحة رابعة بقيمة 40 ألف دولار إلى منظمة وصفتها الوثيقة بأنها تعمل على “تعزيز الأفكار والقيم الديمقراطية ودفع النقاش حول السياسات العامة من خلال المنصات الإعلامية التفسيرية الرقمية”.
وقالت الوثيقة عنها إنها “ستتعاون مع أعضاء من الأوساط الأكاديمية التركية والمجتمع المدني لإنتاج سلسلة من مقاطع فيديو إعلامية توضيحية وبودكاست حول القضايا الاجتماعية والسياسية الحرجة في تركيا”.
وأضافت “سيقوم المستفيد من المنحة بتنظيم مناقشات عبر الإنترنت حول الموضوعات المتعلقة بالديمقراطية التي تهم الشباب، كما ستنشر بانتظام محتوى نصيًا وإنفوغرافيك في حسابها على إنستغرام”.
▪️ كما قدمت منظمة الوقف الأميركي للديمقراطية مبالغ أكبر لمنظمات سياسية مقرها الرئيسي في أميركا تقوم بدورها بتوزيع منح أصغر لنشطاء ومنظمات سياسية يعملون داخل تركيا، منها منحة بقيمة 700 ألف دولار قدمت للمعهد الجمهوري الدولي من أجل “دعم الحوار السياسي، وإشراك الشباب في صنع القرار السياسي، حيث سيقوم المعهد بإجراء أبحاث الرأي العام والسياسات وتقديم النتائج إلى الأحزاب السياسية الرئيسية في تركيا”.
وأضافت وثيقة الوقف “سيواصل المعهد تعزيز مناقشة السياسات القائمة على الأدلة بين قادة الأحزاب السياسية رفيعي المستوى، والجمع بين أولئك الذين يشاركون مهنيا في علاقة تركيا مع الغرب”.
▪️ كما حصل المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية على 720 ألف دولار عام 2021 لإنفاقها في تركيا من أجل “دعم الممارسات الديمقراطية على المستوى المحلي”، حيث سيساعد المشروع في “إنشاء آليات فعالة للمشاركة في عمليات صنع القرار”.
▪️ وقدمت دعمًا بقيمة 600 ألف دولار لصالح مركز المشاريع الدولية الخاصة بهدف “بناء شبكات قوية من عناصر التغيير لحماية مساحة الديمقراطية”، غير أن الوثيقة التي أشارت إلى المنحة في سطور قليلة لم تفسر المقصود “بعناصر التغيير”.
وحصل المركز ذاته في عام 2020 على مبلغ 700 ألف دولار لتمويل مشاريع “تمكين الأصوات المستقلة من التصدي لإغلاق الفضاء الديمقراطي” في تركيا بدون تحديد آليات هذا التمكين، وبهذا يكون ما حصل عليه مركز المشاريع الدولية الخاصة للإنفاق على مؤسسات وقضايا داخلية في تركيا قد بلغ مليونا و300 ألف دولار في عامين فقط.
وتحظر دول كثيرة عمل تلك المنظمات الأميركية لقيامها بمحاولة التأثير في الانتخابات والعمليات السياسية الداخلية ولتلقيها تمويلاً حكوميًا أميركيًا مستترًا، ففي المنطقة العربية كانت مصر قد رفضت الترخيص لمنظمات أميركية غير حكومية وحذرتها من الوقوع تحت طائلة القانون، في حين ترد واشنطن بالقول إن تلك الدول تحاول إسكات أصوات معارضيها الأكثر انتقادًا.